ملاحظة:هذا ماجاء في كتاب الأمالي الشجرية
عن الموت وقد اختصرت جدا من الموضوع
ملحوظة: اخترت الموضوع لأننا لانتذكر الموت الاعندما يتوفى احد اقربائنا ثم ننسى
كل شيء
ذكر الموت واختلاف الموتى
وذكر عذاب القبر وثوابه وما يتصل بذلك
"وبالإسناد" المتقدم إلى القاضي الأجل أبي العباس أحمد بن أبي الحسن الكني أسعده الله
تعالى، قال أخبرني القاضي الإمام أبو منصور عبد الرحيم بن المظفر بن عبد الرحيم
الحمدوني قراءة عليه، قال حدثنا والدي بقراءته علينا، قال حدثنا السيد الأجل الإمام
المرشد بالله رضي الله عنه، قال أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي
بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد بجرجرايا سنة اثنتين
وسبعين وثلاثمائة، قال أخبرنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي، قال حدثنا يحيى بن
أبي طالب، قال أخبرنا معروف الكرخي عن بكر بن خنيس عن ضرار بن عمرو عن يزيد
الرقاشي عن أنس بن مالك، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يقول الله تعالى
لملك الموت عليه السلام: انطلق إلى وليي فائتني به، فإني قد بلوته بالضراء والسراء فوجدته
حيث أحب، قال فيأتيه ملك الموت عليه السلام ومعه خمسمائة من الملائكة عليهم السلام
يحملون معهم أكفاناً وحنوطاً من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان أصل الريحانة، واحد في
رأسها عشرون لوناً لكل لون ريح سوى ريح صاحبه والحرير الأبيض فيه المسك، فيأتيه
ملك الموت عليه السلام فيجلس عند رأسه ويبسط ذلك الحرير والمسك تحت ذقنه ويفتح
له باب إلى الجنة، فإن نفسه لتعلل هناك مرة بأرواجها ومرة بكسوتها ومرة بثمارها، قال
ويقول ملك الموت عليه السلام أخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود وطلح منضود
وظل ممدود وماء مسكوب ولملك الموت أشد لطفاً به من الوالدة بولدها، فيعرف أن تلك
الروح حبيبة إلى ربها يلتمس بلطفه تحبباً إلى ربه ورضاه عنه، يسل روحه كما تسل
الشعرة من العجين، قال الله عز وجل: "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام" وقال عز
وجل: "فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم". يقول عز وجل: "روح من جهة
الموت، وريحان يتلقى به وجهه، ونعيم مقيله.
فإذا قبض ملك الموت روحه، قالت الروح للجسد: جزاك الله عني خيراً، فقد كنت سريعاً
إلى طاعة الله، بطيئاً عن معصية الله، فقد نجوت وأنجيت، ويقول الجسد للروح مثل ذلك،
قال وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله عليها وكل باب من السماء كان ينزل منه
رزقه ويصعد منه عمله أربعين ليلة، فإذا وضع في قبره جاءته صلاته فكانت عند يمينه،
وجاء صيامه فكان عند يساره، وجاء الذكر فكان عند رأسه وجاء مشيه إلى الطاعة
فكان عند رجليه، وجاء الصبر فقام ناحية من القبر، قال فيبعث الله عتقاء من العذاب
فيأتيه عن يمينه فتقول الصلاة: غليك عنه، ما زال عمره دائباً قائماً استراح الآن حين وضع
في قبره، فيأتيه عن يساره فيقول الصيام: مثل ذلك من كل ناحية يأتيه يخاطب بمثل ذلك لا
يأتيه من موضع إلا وجد ولي الله قد أخذ جنته عند ذلك، قال فيقول الصبر لسائر
الأعمال: أما إنه لم يمنعني أن أباشره أنا بنفسي، فأما إذا أجزأتم فأنا ذخر له عند الميزان
والصراط، قال فيبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف،
وأنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب، يطيان في أشعارهما، بين منكبي كل واحد منهما
مسيرة كذا وكذا، قد نزعت منهما الرحمة والرأفة، يقال لهما منكر ونكير، مع كل واحد
منهما مطرقة من حديد لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها فيأتيانه فيقولان له: من كنت
تعبد؟ ومن ربك؟ ومن نبيك؟ قالوا يا رسول الله: ومن يطيق الكلام عند ذلك أونت
تصف من الملكين ما تصف؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يثبت الله الذين
آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويضل الله الظالم ويفعل الله ما يشاء" قال
فيقول: كنت أعبد الله لا أشرك به شيئاً، والإسلام ديني الذي دانت به الأنبياء، ونبيي
محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء، فيقولان له: صدقت، فيدفعان القبر من بين
يديه أربعين ذراعاً ومن خلفه كذلك، وعن يمينه كذلك وعن يساره كذلك ثم يقولان له: ولي
الله نجوت آخر ما عليك، قال: فو الذي نفس محمد بيده إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك
فرحة لا ترد أبداً، ثم يقولان له: ولي الله انظر فوقك؟ فينظر فوقه فإذا باب مفتوح من
الجنة، فيقولان له: ولي الله هذا منزلك، قال: فو الذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبه فرحة
لا ترد أبداً.
قال يزيد الرقاشي وقالت عائشة: يفتح له تسعة وتسعون باباً من الجنة فيأتيه من روحها
وبردها حتى يبعثه الله إليها، قال أنس بن مالك في حديثه: فيقول الله لملك الموت انطلق إلى
عدوي فائتني به فإني قد بسطت له رزقي وسربلته نعمتي فائتني به فلأنتقمن منه، قال فيأتيه
ملك الموت في أكره صورة رآها أحد من الناس، له اثنتا عشرة عيناً ومعه سفود من نار
كثير الشوك ومعه خمسمائة من الملائكة عليهم السلام يحملون معه سياطاً من جمر جهنم،
فيأتيه ملك الموت عليه السلام فيضربه بذلك السفود ضربة فتغيب كل شوكة من ذلك
السفود في كل عرق منه فينزع روحه من أظفار قدميه فيلقيها في عقبيه ويسكر عدو الله
سكرة فتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ثم كذلك إلى صدره ثم كذلك إلى
حلقه، ثم يقول ملك الموت عليه السلام: اخرجي أيتها الروح إلى سموم وحميم وظل من
يخموم لا بارد ولا كريم، فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد: جزاك الله شراً،
فقد كنت سريعاً في معصية الله، بطيئاً في طاعة الله، فقد هلكت وأهلكت، ويقول الجسد
للروح مثل ذلك، قال وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله عليها وكل باب من السماء
ينزل منه رزقه ويصعد منه عمله أربعين ليلة، فإذا وضع قبر قبره ضيق الله عليه قبره حتى
تختلف فيه أضلاعه وتدخل اليمن في اليسرى واليسرى في اليمنى، قال ويبعث الله عليه
أفاعي دهم كأعناق الإبل فتأخذ بأرنبته وإبهامي قدميه فيقرضانه حتى يلتقيان في وسطه،
قال ويبعث الله ملكين على تلك الصفة أبصارهما كالبرق وأنيابهما الكصياصي وأنفاسهما
كاللهب يطيان في أشعارهما بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا، وقد نزع الله
منهما الرأفة والرحمة، يقال لهما منكر ونكير، مع كل واحد منهما مطرقة من حديد لو
اجتمع ربيعة ومضر لم يقلوها، فيأتيانه فيضربانه ضربة يتطابر شرراً في قبره ثم يعود كما كان
فيقولان له عدو الله: ما كنت تعبد؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري، فيقولان:
عدو الله لا دريت ولا بليت، ويضربانه ضربة يتطاير شرراً في قبره ثم يعود كما كان، ثم
يقولان له عدو الله: انظر فوقك، فإذا باب مفتوح إلى الجنة، فيقولان له: عدو الله لو كنت
أطعت الله لكان هذا منزلك، قال: فو الذي نفس محمد بيده إنه ليصل إلى قلبه حسرة لا
ترد أبداً، فيقولان له عدو الله: انظر إلى تحتك، فينظر تحته فإذا باب مفتوح إلى النار
فيقولان له عدو الله: هذا منزلك، فو الذي نفس محمد بيده إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك
حسرة لا ترد أبداً. قال يزيد الرقاشي قالت عائشة: ويفتح له تسع وتسعون باباً إلى النار،
فيأتيه من حرها وسمومها حتى يبعثه الله إليها".