1-جاءني صديقي ( سامر ) هاشاً باشاً، وقال لي:
- أدعوك والسيدة حرمك إلى حفلة تنكرية .. الليلة.
رفعت حاجبي دهشة، وسألته: لماذا تنكرية؟ أراك قد تبرجزت حتى تقيم وتحضر مثل هذه الحفلات؟
قال مبتسماً:لست برجوازياً، أنت تعرف أنني طوال حياتي (أندبوري )، لكن الحفلة التنكرية سنجريها تغييراً للنمط التقليدي، مجرد تغيير لا برجزة ولاغيرها يا صديقي .
وجلسنا نفكر بماذا نتنكر ، ووقع خياري على لباس زورو الذي كثيرآً ما كنت رأيته في الأفلام، فذهبت استعرت من مسرح المدينة لباساً أسود ينطبق على مواصفات زورو، واخترت قناعاً فضياً حتى تكتمل الشخصية، أيظهر زورو بلا قناع؟
-2-
لما ذهبت إلى زوجتي أخبرها عن الحفلة التنكرية التي يجريها سامر في بيته لأصدقائه وزوجاتهم، سّفهت رأينا وقالت بحزم: مسخرة، أنا لن أذهب أنا أعرف هذه الحفلات وما يجري فيها!
- غيري بدّلي يا حبيبتي؟
- قراري نهائي.. لن أذهب ، اذهب وحدك، واحضر الحفل التنكري.
ولما كنت قد تهيأت لهذه الحفلة، فقد هززت كتفي وقلت لها:خليك وحدك في البيت، أنا سأذهب إذاً.
ولبست القميص والبنطال الأسودين، ووضعت القبعة السوداء على رأسي، وتمنطقت بحاملة مسدس ابني الصغير فؤاد ، ولم أضع القناع على عيني طوال الطريق، وإذ دخلت باب صديقي سامر، وضعته، ووجدت عشرات المتنكرين والمتنكرات ، منهم من تنكر بلباس بدوي، ومنهم من اختار أن يقلد شحاداً، ومنهن من اختارت أن تقلد كيلوبترا أو كونتيسة من العصر المتوسط، ولبست ثياباً فضفاضة ووضعت قناعاً من ريش على عينيها، وهكذا كانت السهرة ذات طعم خاص، طعم تنكري جديد على سهراتنا،
-3-
حانت مني التفاتة، فرأيت واحدة تلبــــــس رداء مارلين مونرو، بشـــــعر أشقر « يجنن » ، جن جنوني بهذه المرأة التي أحسنت اختيار الشخصية التي تنكرت بها، فرحت أقترب منها وأحدثها، والواقع، أنني رحت أغازلها، وكانت هي تستجيب لغزلي، فطار صوابي، وأردت أن أعرف من تكون، فسألت صديقي
- من هذه الساحرة؟
قال سامر بسخرية:
من مقاليد الحفلات التنكرية ألا يذاع اسم المتنكر أو المتنكرة!
ورحت أجهد لمعرفة هذه المتنكرة بهيئة مارلين مونرو، فلم أستطع، وأمضيت السهرة إلى جانبها، لا أفارقها، وهي على ما هي عليه من الأنس والود والمجاملة، ما جعلني أتفوه بجملة كانت قاضية على مستقبلي ، فيما أقدر!
قلت: هكذا النساء وإلا ، فبدون نساء.. أفضل!
ضحكت ضحكة خلت أنها هيستيرية، ولم تعلق بشيء إلا بضحكتها هذه فكانت الضحكة أجمل ما في هذه المرأة التي أصارحكم بأنني تمنيت أن أتزوجها!
وطلبت منها موعداً.. فاعتذرت بلباقة، وقالت لي:
- لا بد أن نلتقي يوماً ما فالدنيا صغيرة ، أصغر مما تعتقد!
-4-
عندما عدت إلى البيت، وكنت قد أوصلت أصدقائي إلى بيوتهم بسيارتي العتيقة.
وجدت امرأتي ساهرة تنتظرني، كانت هادئة وعلى وجهها ملامح ابتسامة،:
- كيف كانت سهرتك؟
- - بصراحة حلوة كثير، لن تنسى.
- من رأيت هناك؟
- - ما عرفت أحداً، متنكرون ومتنكرات ، كيف أعرفهم؟
وحانت مني التفاته إلى الفراش فرأيت الثوب الأحمر الذي كانت تلبسه مارلين مونرو، والقناع الأحمر، وباروكة الشعر الأشقر، التي رأيتها في الحفلة ولم تبق في جسمي قطرة دم واحدة.
ومجنون يحكي وعاقل يسمع.