ما حقيقة "الحفلات الخاصة" التي انتشرت في السنوات الأخيرة وأثارت علامات استفهام حول الفنانين الذين يشاركون في إحيائها، لا سيما أن عارضات أزياء كثر انبرين إلى الدفاع عن مهنتهن بالحديث عن الحفلات الخاصة التي يشاركن فيها كمضيفات أو ما يسمى بـ "فاكهة السهرة" وذلك لتبرير ممارستهن لأعمال منافية للأخلاق؟
|
السيدة فيروز خارج هذا السياق |
يقول ابراهيم ب. أحد الناشطين في تأمين مشاركة الفنانين في مثل هذه الحفلات، للجريدة، إن الحفلة الخاصة تنطبق عليها شروط الحفلة العامة نفسها، إذ يتصل به أحد الأشخاص المقربين من صاحب الحفلة أو مدير أعماله ويطلب منه الإتصال بمجموعة محددة من الفنانين. يمكن أن تكون حفلة عرس أو عيد ميلاد أو مناسبة خاصة، يجمع فيها صاحب الحفلة أهله وأصدقاءه. يضيف ابراهيم ب. أن الحضور يمكن أن يقتصر على صاحب الحفلة ومجموعة من الاشخاص قد لا تتجاوز إصبع اليد الواحدة.
الخليجيون الأوائل
يقبل الفنانون في غالبيتهم على الفور إحياء هذه الحفلات، لأنها تجمع بين عناصر الإغراء المادي، إذ يتضاعف أجر الفنان مرتين أو أكثر وبين عدم القلق من الحضور القليل، لأن عنصر "الجمهور" لا أهمية له وغير ضروري للدلالة على مدى شعبية الفنان ونجاحه.
يشارك في إحياء هذه الحفلات في الطليعة الفنانون الخليجيون، بما أن الأثرياء العرب الأكثر تنظيماً لهذه الحفلات، ابتداء من فنان العرب محمد عبده مروراً بأحلام وراشد الماجد وعبد المجيد عبد الله وصولا الى نجوم الخليج الشباب مثل فايز السعيد وبشار الشطي. ثم يأتي بعد ذلك الفنانون اللبنانيون من بينهم نجوى كرم، نوال الزغبي، هيفا وهبي، إليسا، نانسي عجرم، ميريام فارس، بالاضافة إلى راغب علامة، فضل شاكر، عاصي الحلاني وغيرهم من الفنانين، باستثناء ماجدة الرومي، بحسب ابراهيم ب. والسيدة فيروز، بالتأكيد لأنها خارج هذا السياق الذي نتناوله. وفي المرتبة الثالثة المصريون.
أجور خيالية
تتراوح أجور الفنانين في تلك الحفلات من 50 ألف الى 100 الف دولار بحسب شطارة الوسيط والإمكانات المادية "للزبون"، والطريف أنه في الحفلات الخاصة، لا يتحكم المغني، مهما تعاظمت شهرته، بالوقت ولا بطريقة الظهور. ففي هذا العالم سلطان المال الحاكم المطلق وليس "البرستيج" و"الشهرة" و"النجومية"، وأكبر دليل على ذلك أن الخلافات بين الفنانين التي تحدث عادة حول من سيبدأ الحفلة ومن سينهيها ومن صاحب الصورة الأكبر والمكانة الأفضل في الإعلان، تنتفي كلها في الحفلة الخاصة، الجميع يأتي ليغني وليتقاضى أجره في النهاية.
قد تجمع حفلة خاصة بين فنانين هم على خصومة شديدة مع بعضهم، مع ذلك لا يرفضون الغناء فيها بل ينهون وصلتهم ويخرجون، لأن المهم بالنسبة إليهم الأجر الذي يتقاضوه. على غرار الحفلات العامة يشارك فنانون من الصف الثاني في تلك الحفلات تمهيداً لظهور النجوم الكبار ويتقاضون بدورهم أجوراً مرتفعة. فالفنانة التي تتقاضى مثلا 7 آلاف دولار لقاء إحياء حفلة عامة، تتقاضى من 13 الى 15 الف دولار في الحفلة الخاصة.
|
الفنانون اللبنانيون يحتلون المرتبة الثانية! |
وقد تتحول الحفلة الخاصة، اذا كانت تضم مجموعة من الأصوات الجميلة الى جلسة خاصة يغني فيها الفنانون مع بعضهم بناء على طلب صاحب الدعوة. شخصياً استمعت الى تسجيل نادر يجمع مطرباً عربياً صاحب لقب كبير وفنانة من دول المغرب العربي في دويتو لأغنية خليجية تعود الى المطرب، وكان من الواضح أن الحفلة ضمت مدعوين قلائل وكانوا يطالبون المطرب والفنانة بإعادة الغناء أكثر من مرة.
يميل بعض الأثرياء الى التعرف على الفنانين والتقرب منهم ليتكامل عالما المال والشهرة مع بعضهما البعض، فيتم توجيه الدعوة الى النجم ويكون حراً في طلب أجر مادي يدفع له فوراً أو أجر معنوي يأتي على شكل هدية، هي عربون شكر ووفاء. بالنسبة إلى العارضات، فهن فاكهة الحفلة ويتولين مجاملة الضيوف والجلوس الى جانبهم لمسايرتهم والترفيه عنهم. تعدّ الإمارات ثم لبنان، مصر، البحرين، لبنان، إسبانيا، لندن البلدان الأبرز التي يتمّ فيها إحياء الحفلات الخاصة. عندما نقول حفلة خاصة لا يعني أنها تتمّ في قصر الثري أو مزرعته، قد تكون في أحد الفنادق الفخمة، حيث يتم حجز القاعات الكبرى.
ومن الصعوبة بمكان أن يقبل نجوم الصف الأول أن تتحوّل تلك الحفلة الى مكان يمارسون فيه أفعال خادشة للحياء، وإلا تحولت الحفلة الخاصة الى حفلة عربدة. يؤكد باسم ب. أن 90% من الحفلات الخاصة لا تتم فيها أعمال منافية للأخلاق، أما ما نسمع من ممارسات هنا وهناك فتتم منذ الخطوة الاولى، عندما ينقل مدير أعمال صاحب الحفل إلى متعهد الحفلات رغبة هذا الأخير بلقاء الفنانة الفلانية من دون التلطي وراء كلمة حفلة خاصة وهذه تصبح "عربدة".
اللافت اليوم أن الأزمة الإقتصادية العالمية بدأت تؤثر في سوق الحفلات الخاصة، ولم يعد لها رواج كما كانت الحال منذ أشهر وأصبحت تقتصر على المناسبات مثل الزواج وأعياد الميلاد. يروي باسم ب. أنه في احدى الحفلات الخاصة، التي جرت في دولة عربية بمناسبة تخرّج إبنة أحد الأثرياء، عمد الوالد الى بناء خيمة عملاقة وتمّ تجهيزها بشكل تحفة فنية لليلة واحدة فحسب وأزيلت بعد انتهاء المناسبة.
يحرص الفنانون في غالبيتهم على عدم التحدث عن طبيعة الأشخاص الذين يحضرون تلك الحفلات ومكانهم وزمانهم، حرصاً منهم على استمرار مورد الرزق المهم الذي رفعهم من مرتبة "المليونير" الى مرتبة "الميلياردير"، لأنه في حال سرّبوا بعض المعلومات المتعلقة بأصحاب الحفل أو الحضور يتم وضعهم على القائمة السوداء.
أما طوني ل. فيقول إن الحفلات التي يتحدثون عنها في بعض البرامج التلفزيونية ووسائل الإعلام الأخرى ويصفونها بالفسق والفجور، فهي التي يقيمها هواة يؤمنّون عارضات ومغنيات لا علاقة لهن بالفن لا من قريب ولا بعيد، هؤلاء يعمدون الى التحدث عما يحصل في تلك الحفلات من باب الترويج لأنفسهم وعرض الخدمات لتأمين ما تحتاج إليه تلك الحفلات، وهي لا تمت بصلة الى الحفلات التي تحدثنا عنها في السابق.
يضيف طوني ل. أن من يؤمن إحياء الحفلات الخاصة غير الذي يؤمن لوازم حفلات العربدة، وأساساً لا يلجأ الأثرياء أو مدراء أعمالهم أو المقربون منهم إلى هذا الأخير حتى لايشتبه بأمرهم وبأنهم من أصحاب الحفلات المشبوهة.